الخميس، 14 أغسطس 2008

صورة (قصة قصيرة )


صورتي تحتل ركنا كاملا من أركان حجرتي، لا لأني جميل لا سمح الله، فبرغم عيوني الزرقاء. وشعري الناعم الطويل بلونه الأسود الداكن.. وشفتاي تنفرجان فتشعر أنهما دوامة يغرق فيها العاشقون، لكنى في الحقيقة لا أرى هذا الجمال. ربما لأن ثقتي بنفسي تكاد تكون معدمة. فأرى نفسي قبيحا.
ذهبت إلى طبيب تجميل فنصحني أن أعرض نفسي على طبيب نفسي. ولكن ما السبب الذى يجعلني أضع صورة لي تحتل ركنا كاملا من أركان حجرتي؟ ولست نجما من نجوم السينما لأتكبد هذا العناء. ولست مصابا بعقدة الأسطورة (نركسيوس) الذي أخذ ينظر لنفسه فى الماء فأعجب بصورته وظنها حورية وكلما حاول تقبيل الصورة في الماء كانت تتلاشى، فألقى بنفسه في الماء وغرق بالنهاية. الحقيقة وربما هي تافهة (لكنها بالنسبة لي أكبر من ذلك بكثير، هذه الصورة التي تحتل ركنا كاملا....هي لي وأنا أمام القلعة في الأسكندرية. ولم أقم بتكبيرها لجمال القلعة بل لأرى هذه الملامح.. ملامح هذه الفتاه التي تزين خلفية الصورة....التي أتى بها القدر لتسير خلفي أثناء التقاط الصورة.. بالرغم من أن ملابسها لم تكن محتشمة لكنى بريء من هذه التهمة فقط أردت تأمل هذا الوجه... حقا يحتوى بعض الأصباغ لكنه جميل للغاية. وهذا الشعر الحريري تنحرف تيارات الهواء عن مسارها لتلامسه.... ورائحة عطرها تجذب الفراشات والطيور. وهذه الرموش الباترة تخترق كل من نظر إليها.. ولكن أي مخبول يحب صورة؟ الحب في حد ذاته قمة الخبل.. نحب ليصيبنا العمى فنرى كل ما أمامنا جميل وهو ليس كذلك. الحب جنون....أن تختلي بحبك وتنعزل عن تفاهة الآخرين.
ولكن هل هذا مبرر لأحب صورة؟ الغريب أنني أرى ملامحها من الجانب أي لا أرى وجهها بالكامل....أرى جانبها الأيمن ولا أرى الأيسر هكذا كانت تسير حين التقطت الصورة وأقسمت من حينها لو أنني قابلتها لأطلبها للزواج...ولكن أنى لي أن أقابلها ، وأنا في القاهرة الآن ؟ ربما هي أيضا من القاهرة....الذي أتى بها خلفي في المرة الأولى قادر على أن نلتقي لكنى لم ألقاها من قبل حتى المرة التي كانت فيها في نفس المكان لم أرها إلا بعد رحيلها. وتمضى الأيام....لازالت تشغل حيزا كبيرا من تفكيري...لكن فكرة غريبة حمقاء راودتني.....فكرة غبية بلهاء....لكن ماذا لو كانت هذه الفكرة صادقة؟ هاجس غريب بل هي وساوس شيطانية..... ماذا لو كان نصفها الآخر مشوها محترقا...مصاب بجرح خطير..... به طفح جلدي.....به خياطة جراحية؟ هل سأظل متمسكا بموقفي وطلبي ليدها؟
الغريب....حتى لو كان وجهها سليم....ما الذي يجعلني متأكد من أنها ستقبل الزواج منى.. ومن قال أنني سأقابلها ثانية؟
*****
سيظن البعض أنها نهاية مفتعلة.....لكن هذا ما حدث أخبرت صديقي هل تذكر الفتاة في الصورة؟ أتمنى أن آتى لأرى هذه الصورة في منزلك..... اطمئن ستراها على الطبيعة إنها أمامك ثم أشرت له على هذا المقعد على النيل.. فنظر فإذا بوجهه يمتقع وإذ به يزدرد لعابه.... الحمد لله أنظر إليها من نصفها الأخر سليم معافى نصحني صديقي بعدم الذهاب إليها (انت اتجننت أنا ما صدقت ألاقيها) هرولت ناحيتها.....كانت وحدها....ترتدي فستانا أحمرا لا يصل إلى ركبتها.. ولا يليق أن أسألها عن الساعة ونحن في منتصف الليل لذا بادرتها وأخبرتها حين نظرت ناحيتي قلت لها أنا معجب بك جدا ابتسمت في وجهي لتظهر لي أسنانها الأكثر بياضا ولمعانا من اللؤلؤ وأخبرتنى بجرأة متناهية الساعة بمئة جنيه

هناك تعليقان (2):

ola_barakat يقول...

محمد
قصتك جميله اوي
رغم ان شكلها ساخر لكن ف الحقيقه فيها حزن ورومانسيه كبيره اوي
ويمكن هي دي حياه كل واحد فينا دلوقتي .. بنشوفها زي ما احنا عايزين مش علي حقيقتها . رغم ان حقيقتها يمكن تكون واضحه للكل ماعدا الانسان نفسه
لكن ف الاخر كل واحد بيصدق اللي هو عايز يصدقه
علا بركات

bahr يقول...

شكرا يا علا
وأتمنى تواجدك دايما